عدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠
حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠، المعدل بالقانون رقم ٧٤…
حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠، المعدل بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧، فيما تضمنه من قصر قبول المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح على تلك المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة ٢٠١٦م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة ١٤٣٧هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلى محمود منصور – رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار – نواب رئيس المحكمة.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين.
وحضور السيد/ محمد ناجى عبد السميع – أمين السر.
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم ٥٦ لسنة ٣٢ قضائية ” دستورية ”
بعد أن أحالت محكمة جنح مركز كفر الشيخ الجزئية بحكمها الصادر بجلسة 30/ 12/ 2009 ملف الجنحة رقم ٥٦٢٠ لسنة ٢٠٠٩
المقامة من
النيابة العامة.
ضـد
السيد/ على محمد الخولى.
الإجراءات
بتاريخ الثانى من مارس سنة ٢٠١٠، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الجنحة رقم ٥٦٢٠ لسنة ٢٠٠٩، بعد أن قضت محكمة، جنح مركز كفر الشيخ الجزئية، بجلسة الثلاثين من شهر ديسمبر سنة ٢٠٠٩ بوقف نظر الدعوى، وإحالتها إلى هذه المحكمة، للفصل فى دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من قرار الإحالة وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة قد كانت أسندت إلى السيد/ على محمد الخولى أنه بتاريخ ٢٥/ 9/ 2008، بدائرة الرياض مركز كفر الشيخ، بدد مياه للرى قدرت قيمتها بمبلغ اثنان وعشرون ألفًا وثمانون جنيهًا؛ وقد أحالته للمحاكمة الجنائية بطلب عقابه بالمواد (1، 82 بند 1، 89، 91) من القانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن الرى والصرف. وتدوولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة جنح مركز كفر الشيخ الجزئية، حيث قضت المحكمة بجلسة ٢٧/ 5/ 2009، بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل، وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ؛ فعارض فى هذا الحكم، مستندًا إلى أن عقوبة تبديد مياه الرى، هى الغرامة، وليس الحبس. وإذ تراءى للمحكمة أن نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ يخالف أحكام المواد (٤٠ و٤١ و٦٦ و٦٧ و٦٩) من دستور سنة ١٩٧١، فقد قررت وقف الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية هذا النص.
وحيث إن نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠، بعد تعديلها بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧، قد جرى على أن ” تقبل المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية وذلك من المتهم أو من المسئول عن الحقوق المدنية فى خلال العشرة أيام التالية لإعلانه بالحكم الغيابى خلاف ميعاد المسافة القانونية، ويجوز أن يكون هذا الإعلان بملخص على نموذج يصدر به قرار من وزير العدل، وفى جميع الأحوال لا يعتد بالإعلان لجهة الإدارة “.
وحيث إن حكم الإحالة نعى على النص المحال مخالفته لدستور سنة ١٩٧١ ذلك أنه جعل الأحكام الصادرة فى مواد الجنح، غير السالبة للحرية، تعامل معاملة الأحكام الحضورية؛ سواء أمام محاكم أول درجة أو محاكم الاستئناف؛ وبذلك فإنه يكون قد أقام تمييزًا تحكميا فيما بين هاتين الطائفتين يخل بالضمانات الإجرائية اللازم توافرها فى المحاكمة الجنائية، وينال مباشرة من مبدأ المساواة أمام القانون، وهو ما يترتب عليه بالضرورة من إخلال بالحرية الشخصية، ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وينال من أصل البراءة، وحق الدفاع؛ وذلك بالمخالفة لأحكام المواد (٤٠) و(٤١) و(٦٦) و(٦٧) و(٦٩) من ذلك الدستور.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية؛ وذلك بأن يكون الحكم فى الدعوى الدستورية مؤثرًا فى الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع – لما كان ذلك، وكانت رحى المنازعة فى الدعوى الموضوعية، تدور حول أحقية المدعى فى المعارضة فى الحكم الغيابى الصادر ضده بالحبس عن جريمة عقوبتها القانونية الغرامة، حال أن النص المطعون فيه قد قصر الحق فى المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح على تلك المعاقب عليها قانونًا بعقوبة مقيدة للحرية؛ وعلى ذلك، فإن المصلحة تكون متحققة فى الدعوى الماثلة بالنسبة لهذا النص، ويتحدد نطاقها فيما لم يتضمنه من قبول المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة الغرامة، إذ أن الفصل فى دستورية هذا النص فى حدود نطاقه المتقدم سيكون ذا أثر وانعكاس على الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره؛ إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه؛ ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. ومن ثم، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه من خلال أحكام الدستور الصادر سنة ٢٠١٤، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية؛ وهى أحكام ليس فيها ما يخالف ما أورده حكم الإحالة بشأن المبادئ الدستورية الحاكمة للنص المحال فى دستور سنة ١٩٧١، باعتبار أن المواد (٤٠) و(٤١) و(٦٦) و(٦٧) و(٦٩) منه تقابل المواد (٥٣) و(٥٤) و(٩٥) و(٩٦) و(٩٨) من الدستور القائم.
وحيث إن المناعى التى ألحقها حكم الإحالة بالنص المحال صحيحة فى جملتها. إذ استقر قضاء هذه المحكمة على أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى، ولا فى نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومة القضائية عينها، ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور أو المشرع للحقوق التى يدعونها، ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، ولا فى طرق الطعن التى تنظمها، بل يجب أن يكون للحقوق عينها، قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها أو الدفاع عنها أو استئدائها أو الطعن فى الأحكام التى تتعلق بها. ذلك أن طرق الطعن فى الأحكام لا تعتبر مجرد وسائل إجرائية ينشئها المشرع ليوفر من خلالها سبل تقويم اعوجاجها، بل هى فى واقعها أوثق اتصالاً بالحقوق التى تتناولها سواء فى مجال إثباتها أو نفيها، ليكون مصيرها عائدًا أصلاً إلى انغلاق هذه الطرق أو انفتاحها، وكذلك إلى التمييز بين المواطنين الذين تتماثل مراكزهم القانونية فى مجال النفاذ إلى فرصها. كما أن الوسائل الإجرائية التى تملكها سلطة الاتهام فى مجال إثباتها للجريمة، تدعمها موارد ضخمة يقصر المتهم عنها، ولا يوازنها إلا افتراض البراءة مقرونًا بدفاع مقتدر لضمان ألا يدان عن الجريمة ما لم يكن الدليل عليها مبرءًا من كل شبهة لها أساسها. ومن ثم، لم يكن من الجائز – تبعًا لذلك – إسباغ الشرعية الدستورية على نصوص عقابية لا تتكافأ معها وسائل الدفاع التى أتاحتها لكل من سلطة الاتهام ومتهمها، فلا تتعادل أسلحتهم بشأن إثباتها ونفيها.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان النص المحال قد مايز بين المتهمين فى الجنح، وذلك فى مجال تحديده لمن لهم الحق فى سلوك طريق الطعن بالمعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى تلك الجنح؛ إذ سمح لمن صدرت ضدهم أحكام غيابية فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية بسلوك هذا الطريق، ومنع غيرهم ممن صدرت ضدهم أحكام غيابية فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة الغرامة من ولوجه. وبذلك، فقد أقام النص المحال تفرقة تحكمية فى مجال التمييز بين المخاطبين به، على الرغم من تماثل ظروفهم، واتحاد مراكزهم القانونية؛ بوصفهم جميعًا محكومًا عليهم، تحددت مسئوليتهم الجنائية عن الجنح المقدمين بشأنها إلى المحاكمة الجنائية، بموجب أحكام غيابية، أيا ما كان نوع العقوبة المقضى بها عليهم، بما يوجب كفالة الحماية القانونية المتكافئة لهم، ليضحى حرمان فئة منهم، وهم المحكوم عليهم فى جرائم معاقب عليها بعقوبة الغرامة وحدها، من المعارضة فى تلك الأحكام متضمنًا تمييزًا لا تبرره شروط موضوعية تسانده؛ وهو الأمر المنهى عنه التزامًا بمبدأ المساواة أمام القانون الذى أعلته المادة (٥٣) من الدستور القائم. ذلك أن دستورية القوانين الجزائية التى يقررها المشرع فى المجال الجنائى – والتى تفرض على هذه الحرية أخطر القيود، وأبعدها أثرًا – تفترض ألا يقيم المشرع فيما بين المخاطبين بأحكامها تمييزًا غير مبرر، وألا تحول الفوارق بينها دون تساويهم فى الانتفاع بضماناتها، وهو ما لم يلتزمه النص المحال..
وحيث إن الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون الذى اعتور النص المحال قد لازمه كذلك إخلال بمبدأ الحرية الشخصية التى كفلها الدستور بنص المادة (٥٤) منه، واعتبرها من الحق وق الطبيعية التى لا يجوز الإخلال بها من خلال تنظيمها. وآية ذلك أن تقرير المسئولية الجنائية عن الأفعال المؤثمة استجابة لضرورة اجتماعية وتحقيقًا لمصلحة مشروعة، يتعين أن يتم بعد إتباع الوسائل القانونية التى يكون تطبيقها موافقًا لأسس الشرعية الدستورية وضوابطها، بوصفه أمرًا وثيق الصلة بالحرية الشخصية، كحق طبيعى أوجبت المادة (٥٤) من الدستور صونه وعدم المساس به، باعتباره من الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان، التى لم تجز المادة (٩٢) من الدستور تعطيلها أو الانتقاص منها أو المساس بأصلها أو جوهرها. ومن ثم، فإن التمييز بين لمتهمين فى الجنح فى مراحل تقرير مسئوليتهم عنها، بالحرمان من المعارضة فى الحكم الغيابى الذى قضى بالغرامة على أساس العقوبة المقررة قانونًا للفعل، رغم وحدة الغاية من العقوبة أيًا كان نوعها، وهى تقويم الفاعلين وتحقيق الردع العام والخاص، يتضمن مساسًا بالحرية الشخصية فى أحد جوانبها بالمخالفة لنص المادة (٩٢) من الدستور.
وحيث إن من المقرر أن الطعن بطريق المعارضة فى الحكم الجنائى من شأنه أن يعيد الخصومة إلى المحكمة التى أصدرت الحكم الغيابى لتحكم فيها من جديد، وكان النص المحال لا يحقق هذه الضمانة للفئة التى استبعدها، وهم المحكوم عليهم غيابيا فى الجنح المقرر لها عقوبة الغرامة؛ ومن ثم، فقد حرمهم من مرحلة من مراحل التقاضى، وهو ما يعد انتهاكًا للحق فى التقاضى الذى كفلته المادة (٩٧) من الدستور القائم، وإهدارًا لقيم العدل التى اعتبرتها المادة (٤) من الدستور القائم أساسًا لبناء المجتمع، وتحقيق وحدته الوطنية. ولا ينال من ذلك أن قصر التقاضى على درجة واحدة، هو مما يدخل فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، إذ إن هذا الأمر لا يكون إلا بالقدر وفى الحدود الضيقة التى تقتضيها مصلحة عامة لها ثقلها؛ ولا يتأتى إقراره، إذا سبق أن اختار المشرع التقاضى على درجتين نهجًا. إذ أن التقاضى على درجتين، وكلما كان مقررًا بنصوص آمرة، يعتبر أصلاً فى اقتضاء الحقوق المتنازع عليها، ومؤداه أن الخصومة القضائية لا تبلغ نهايتها إلا بعد استغراقها لمرحلتيها بالفصل فيها.
وحيث إن كفالة المشرع، كأصل عام، لحق المتهم المحكوم عليه غيابيا، فى جنحة، فى سلوك طريق الطعن بالمعارضة فى الحكم الصادر ضده، مؤداه أنه افترض براءته إلى أن تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، إعمالاً لنص المادة (٩٦) من الدستور التى كفلت أصل البراءة. ذلك أن المشرع قد أقر هذا الأصل العام، فلا يتأتى له من بعد أن يحرم البعض من ذلك الحق، وهو ما قضى به النص المحال، فجاء مهدرًا لأصل البراءة الذى أعلاه الدستور، والذى يمتد فى مضمونه إلى كل فرد سواء أكان مشتبهًا فيه أو متهمًا، باعتباره قاعدة أساسية فى النظام الاتهامى أقرتها الشرائع جميعها، لا لتكفل بموجبها حماية المذنبين، وإنما لتدرأ بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة الموجهة إليه قد أحاطتها الشبهات بما يحول دون التيقن من مقارفة المتهم لها. فالاتهام الجنائى – فى ذاته – لا يزحزح أصل البراءة الذى يلازم الفرد دومًا، ولا يزايله، سواء فى مرحلة ما قبل المحاكمة، أو فى أثنائها، وعلى امتداد جلساتها، وأيا كان الزمن الذى تستغرقه إجراءاتها؛ ولا سبيل بالتالى لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التى تبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين بما لا يدع مجالاً معقولاً لشبهة انتفاء التهمة، وبشرط أن تكون دلالتها قد استقرت حقيقتها بحكم قضائى استنفد طرق الطعن فيه.
وحيث إن إغلاق النص المحال طريق الطعن بالمعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح المعاقب عليها بعقوبة الغرامة من شأنه أن ينال من كفالة حق المتهم فى الدفاع عن نفسه لصدور الحكم فى غيبته، وعدم تمكنه من عرض أوجه دفاعه على نحو ما تقتضيه محاكمته إنصافًا وفقًا للمستويات المتعارف عليها فى الأمم المتحضرة، والتى تقتضى أن تُكَفل له من الضمانات ما يساعده على إظهار براءته مما هو منسوب إليه، والحفاظ على حريته مما يتهددها، وصون كرامته، مع تمكينه من إبداء ما يكون لديه من أوجه دفاع أو دفوع أو طلبات فى الدعوى الجنائية، ومن ثم فإن النص المحال يكون قد انتهك الحق فى الدفاع، وكذلك الحق فى المحاكمة المنصفة اللذين كفلتهما المادتان (٩٦ و٩٨) من الدستور.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن النص المحال يعد مخالفًا لأحكام المواد (٤) و(٥٣) و(٥٤) و(٩٢) و(٩٥) و(٩٦) و(٩٧) و(٩٨) من الدستور، مما يتعين معه الحكم بعدم دستوريته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (٣٩٨) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠، المعدل بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧، فيما تضمنه من قصر قبول المعارضة فى الأحكام الغيابية الصادرة فى الجنح على تلك المعاقب عليها بعقوبة مقيدة للحرية، دون المعاقب عليها بعقوبة الغرامة